Die Lesung aus dem Mushaf während des Gebets

Frage

Ich hätte zwei Fragen zum Tarawih-Gebet bzw. allgemein zu einem Gebet, in dem aus dem Mushaf abgelesen wird.

Darf man der Meinung der Imamayn folgen, indem man aus dem Mushaf abliest, obwohl es nach Imam Abu Hanifa das Gebet ungültig macht?

Und wie gehen wir damit um, wenn der Imam unserer Moschee aus dem Mushaf abliest?

 

Antwort

حامدا ومصليا ومسلما

 

Die vorherrschende Meinung zu diesem Thema in der hanafitischen Rechtsschule ist die Fiqh-Position von Imam Abu Hanifa رحمه الله. Daher ist es für die Anhänger der hanafitischen Rechtsschule grundsätzlich erforderlich, dieser Meinung zu folgen.

Aus diesem Grund wird das Gebet für ungültig erklärt, wenn ein Betender während des Gebets aus dem Mushaf rezitiert oder beim Rezitieren aus dem Gedächtnis ins Stocken gerät und sich zurechtfindet, indem er aus dem Mushaf abliest.

Das Gebet des Imams gilt daher nach der hanafitischen Rechtsschule als ungültig. Als Konsequenz gilt dies auch für das Gebet derjenigen, die sich ihm anschließen und hinter ihm beten.

In dieser Situation empfehlen wir zunächst, mit der Masjid sanft darüber zu sprechen. Falls dies zu keinem Erfolg führen sollte, könnte das Tarawih-Gebet in einer anderen Moschee verrichtet oder eine kleine Gruppe gebildet werden, in der ein Imam bestimmt wird, der das Gemeinschaftsgebet nach hanafitischen Prinzipien vorbetet.

والله أعلم بالصواب

 

Beantwortet von Sheikh Nadar Umer Keim

Bestätigt durch Dār al-Iftā’ Deutschland

القراءة في المصحف أثناء الصلاة

 

فيمن يؤم القوم وهو يقرأ في المصحف

قلت أرأيت الإمام يؤم القوم في رمضان أو في غير رمضان وهو يقرأ في المصحف قال أكره له ذلك قلت وكذلك لو كان يصلي وحده قال نعم قلت فهل تفسد صلاته قال نعم وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد أما نحن فنرى أن صلاته تامة ولكنا نكره له ذلك لأنه يشبه فعل أهل الكتاب

الأصل لمحمد بن الحسن – ت الأفغاني ١/‏٢٠٦ — محمد بن الحسن الشيباني ت ١٨٩ كتاب الصلاةفيمن يؤم القوم وهو يقرأ في المصحف

 

مسألة ١٦٠

إذا قرأ المصلي في المصحف بطلت صلاته

٢٨٧٧قال أبو حنيفة: إذا قرأ في المصحف بطلت صلاته.

٢٨٧٨وقال الشافعي: لا تبطل.

٢٨٧٩لنا: أنه متلقن القرآن من غيره في صلاته، فأشبه إذا تلقن من أجنبي. ولا يلزم إذا تلقن من المؤتم؛ لأنه إن كان (لا)يحفظ ما تلقنه فتلقن فسدت الصلاة.

٢٨٨٠ولأن القراءة من الكتاب في الصلاة تشبه صنع الكفار، وقد قال عليه السلام: (من تشبه بقوم فهو منهم).

٢٨٨١ولا يقال: إن التشبه بهم إنما منع منه فيما لا يجوز فأما في الجائز فلا يمنع منه؛ لأنا لا نسلم لهم جواز هذا الفعل في الصلاة.

٢٨٨٢ولأنه غير حافظ لما يقرأه، فإذا قرأه من كتاب فسدت صلاته، كما لو قرأه بالفارسية.

٢٨٨٣احتجوا: بأن حمل المصحف بمجرده لا يبطل والنظر بانفراده لا يبطل، وكذلك القراءة والفكر، فإذا اجتمعت لم تبطل.

٢٨٨٤قلنا: ليس إذا كان الفعل لا يبطل الصلاة لم يبطلها إذا انضم إلى غيره؛ الدليل عليه: المشي والعمل اليسير لا يبطل، وإذا طال أبطل

التجريد للقدوري ٢/‏٦٧٤ — القدوري (ت ٤٢٨) كتاب الصلاةمسألة ١٦٠ إذا قرأ المصلي في المصحف بطلت صلاته

 

وَلَو قَرَأَ من الْمُصحف فَفِي قَول ابي حنيفَة لَا تجوز بهَا الصَّلَاة وَعند سَائِر النَّاس تجوز.

النتف في الفتاوى للسغدي ١/‏٥١ — السغدي (ت ٤٦١)

 

قَالَ: (وَإِذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ فِي الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ – رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى – صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁ لَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا – أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا حَمْلُ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ وَالنَّظَرُ فِيهِ، وَلَوْ حَمَلَ شَيْئًا آخَرَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، فَكَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إلَّا أَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِفِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالشَّافِعِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى – قَالَ مَا نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّا نَأْكُلُ كَمَا يَأْكُلُونَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى – طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبَ الْأَوْرَاقِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَالتَّفَكُّرَ فِيهِ لِيَفْهَمَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، كَالرَّمْيِ بِالْقَوْسِ فِي صَلَاتِهِ وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْمُصْحَفُ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ قَرَأَ بِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى الْمِحْرَابِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ يُلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَكَأَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ مُعَلِّمٍ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُصْحَفِ يُسَمَّى صُحُفِيًّا، وَمِنْ لَا

يُحْسِنُ قِرَاءَةَ شَيْءٍ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ يَكُونُ أُمِّيًّا يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَدَلَّ أَنَّهُ مُتَعَلِّمٌ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي يَدَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحَدِيثِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ فِي الصَّلَاةِ، إنَّمَا الْمُرَادُ بَيَانُ حَالِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَأُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ لَيْسَ بِفَرْضٍ

المبسوط للسرخسي ١/‏٢٠٢ — شمس الأئمة السرخسي (ت ٤٨٣)

 

وعلى قياس الطريقة الثانية لا يجوز، لأنه يتلقن من المصحف. وأما إذا كان يحفظ عن ظهر القلب ومع ذلك ينظر في المكتوب على المحراب ويقرأ فلا إشكال أنه تجوز صلاته.

شرح الجامع الصغير للسرخسي، ج١،  ص١٠٢ (ت ٤٨٣)

 

وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي مِنْ الْمُصْحَفِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تَامَّةٌ وَيُكْرَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُكْرَهُ وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ مَوْلًى لِعَائِشَةَ ﵂ يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ عِبَادَةٌ وَالْقِرَاءَةُ عِبَادَةٌ وَانْضِمَامُ الْعِبَادَةِ إلَى الْعِبَادَةِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ مَا نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّا نَأْكُلُ مَا يَأْكُلُونَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ طَرِيقَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ مَا يُوجَدُ مِنْهُ مِنْ حَمْلِ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ وَالنَّظَرِ فِيهِ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحَمُّلِهَا فِي الصَّلَاةِ فَتَفْسُدُ الصَّلَاةُ، وَقِيَاسُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَقْرَأُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ أَوْ قَرَأَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى الْمِحْرَابِ مِنْ الْقُرْآنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ هَذَا يُلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَيَكُونُ تَعَلُّمًا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُصْحَفِ يُسَمَّى مُتَعَلِّمًا فَصَارَ كَمَا لَوْ تَعَلَّمَ مِنْ مُعَلِّمٍ وَذَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَكَذَا هَذَا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ لَا تُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ حَامِلًا لِلْمُصْحَفِ مُقَلِّبًا لِلْأَوْرَاقِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يُقَلِّبُ الْأَوْرَاقَ، وَأَمَّا حَدِيثُ ذَكْوَانَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَائِشَةَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ بِدَلِيلِ أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ عَلِمُوا بِذَلِكَ لَمَا مَكَّنُوهُ مِنْ عَمَلِ الْمَكْرُوهِ فِي جَمِيعِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الرَّاوِي كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ إخْبَارًا عَنْ حَالَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَيْ كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ إشْعَارًا مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ فَكَانَ يَؤُمُّ بِبَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ دُونَ أَنْ يَخْتِمَ أَوْ كَانَ يَسْتَظْهِرُ كُلَّ يَوْمٍ وِرْدَ كُلِّ لَيْلَةٍ لِيُعْلَمَ أَنَّ قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ.

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ١/‏٢٣٦ — الكاساني (ت ٥٨٧)

 

وإذا قرأ المصلي من المصحف فسدت صلاته، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد؛ لا تفسد.

حجتهما: أن عائشة أمرت ذكوان بإمامتها وكان ذكوان يقرأ من المصحف، ولأبي حنيفة وجهان:

أحدها: إن حمل المصحف وتقليب الأوراق والنظر فيه والتفكر ليفهم ما فيه فيقرأ عمل كثير، والعمل الكثير مفسد لما نبيّن بعد هذا، وعلى هذا الطريق يفرق الحال بينهما إذا كان المصحف في يديه أو بين يديه أو قرأ من المحراب والله أعلم.

الوجه الثاني: إنه تلقّن من مصحف فكأنه تلقن من معلم آخر، وذلك يُفسِد الصلاة فهذا كذلك

المحيط البرهاني ١/‏٣٩١ — برهان الدين ابن مازه البخاري (ت ٦١٦)

 

قال الكرخي في شرحه للجامع الصغير: والعلة لأبي حنيفة أن القارئ من المصحف مميز للحروف وتمييزه للحروف في الصلاة حرفا بعد حرف عمل كثير والعمل الكثير في الصلاة يفسد الصلاة.

غاية البيان لقوام الدين الفارابي (ت٧٥٨)، كتاب الصلاة، ج٢، ص ٩٤

 

فيمن يؤم القوم وهو يقرأ في المصحف

(قَوْلُهُ أَيْ مَا فِيهِ قُرْآنٌ) عَمَّمَهُ لِيَشْمَلَ الْمِحْرَابَ، فَإِنَّهُ إذَا قَرَأَ مَا فِيهِ فَسَدَتْ فِي الصَّحِيحِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا، أُمِّيًّا لَا يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ إلَّا مِنْهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعَلُّمٌ) ذَكَرُوا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَالنَّظَرِ فِيهِ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ عَمَلٌ كَثِيرٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ تَلَقُّنٌ مِنْ الْمُصْحَفِ فَصَارَ كَمَا إذَا تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ. وَعَلَى الثَّانِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ عِنْدَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَفْتَرِقَانِ وَصَحَّحَ الثَّانِي فِي الْكَافِي تَبَعًا لِتَصْحِيحِ السَّرَخْسِيِّ؛ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ إلَّا مِنْ الْمُصْحَفِ فَصَلَّى بِلَا قِرَاءَةٍ ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ أَنَّهَا تُجْزِيهِ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرَةِ عَدَمَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الضَّعِيفِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) لِأَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ مُضَافَةٌ إلَى حِفْظِهِ لَا إلَى تَلَقُّنِهِ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَمُجَرَّدُ النَّظَرِ بِلَا حَمْلٍ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِعَدَمِ وَجْهَيْ الْفَسَادِ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّازِيّ، وَتَبِعَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَبُو نَصْرِ الصَّفَّارِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّبْيِينِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ وَجِيهٌ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ فَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) تَقْيِيدٌ آخَرُ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ: وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ مَا لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ، وَقِيلَ مَا لَمْ يَقْرَأْ آيَةً، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ مِقْدَارُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَهُمَا بِهَا) أَيْ وَجَوَّزَهُ الصَّاحِبَانِ بِالْكَرَاهَةِ.

حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي ١/‏٦٢٣ — ابن عابدين (ت ١٢٥٢)

 

لأن الأخذ من المصحف تلقن من الخارج فتفسد به الصلاة سواء كان المصحف محمولا أو موضوعا وسواء قلب المصلي أوراقه أو قلبها غيره فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس في المصحف، وفي كنز العمال ر:٢٢٨٣٧،  ونسبه إلى ابن أبي داود، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن فعلمني ما يجزئني من القرآن. قال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وفي صحيح أبن حبان (ج٥، ص١١٦) وسنن أبي داود (ج١، ص٢٢١) وسنن البيهقي الكبير (ج٢، ص٣٨١)، فيدل على من كان معه قرآن قرأ ما تيسر منه وإلا فإن عجز عن تعلمه وحفظه بقدر ما يجوز به الصلاة انتقل إلى الذكر ما دام عاجزا، ولم يقل أحد من الأئمة فيما علمنا بوجوب القراءة عليه من المصحف، فلو كانت القراءة منه مباحة في الصلاة غير مفسدة لها كما زعمه بعضهم لكان ذلك واجبا على العاجز عن الحفظ، لكونه قادرا على القراءة من وجه غير عاجز عنها، والإنتقال إلى الذكر إنما هو بعد تحقق العجز عن القراءة من المصحف، فثبت أن القراءة من المصحف ليست بقراءة تصح بها الصلاة، كما في إعلاء السنن (ج٥، ص٦٠)

منة الفتاح على مراقي الفلاح للدكتور صلاح محمد أبو الحاج ج٢، ص٢٣٨

 

اتباع القول الراجح

 

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْصَافَ الَّذِي يَقْبَلُهُ الطَّبْعُ السَّلِيمُ أَنَّ الْمُفْتِيَ فِي زَمَانِنَا يَنْقُلُ مَا اخْتَارَهُ الْمَشَايِخُ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى – وَلِذَا تَرْجِيحُ الْمَشَايِخِ دَلِيلَهُ فِي الْأَغْلَبِ عَلَى دَلِيلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيُجِيبُونَ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مُخَالِفُهُ وَهَذَا أَمَارَةُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْفَتْوَى عَلَيْهِ إذْ التَّرْجِيحُ كَصَرِيحِ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجُوحَ طَائِحٌ بِمُقَابَلَتِهِ بِالرَّاجِحِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْدِلُ الْمُفْتِي وَلَا الْقَاضِي عَنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ غَيْرِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يُرَجِّحْ فِيهَا قَوْلَ غَيْرِهِ، وَرَجَّحُوا فِيهَا دَلِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى دَلِيلِهِ فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا فَحُكْمُهُ غَيْرُ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الِانْتِقَاضِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ أَيْضًا فِي صَدْرِ شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا نَحْنُ فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُ مَا رَجَّحُوهُ وَمَا صَحَّحُوهُ كَمَا لَوْ أَفْتَوْا فِي حَيَاتِهِمْ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ يَحْكُونَ أَقْوَالًا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّصْحِيحِ قُلْتُ: يَعْمَلُ بِمِثْلِ مَا عَمِلُوا مِنْ اعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الْعُرْفِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ وَمَا هُوَ إلَّا رِفْقٌ، وَمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ التَّعَامُلُ وَمَا قَوِيَ وَجْهُهُ وَلَا يَخْلُو الْوُجُودُ مِمَّنْ يُمَيِّزُ هَذَا حَقِيقَةً لَا ظَنًّا وَعَلَى مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ أَنْ يَرْجِعَ لِمَنْ يُمَيِّزُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

منحة الخالق وتكملة الطوري ٦/‏٢٩٣ — زين الدين ابن نجيم (ت ٩٧٠)

 

(قَوْلُهُ: فَلَا يُفْتَى بِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالتَّقْلِيدُ جَائِزٌ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّلْفِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ بَلْ وَمَعَ التَّلْفِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنْلَا ابْنُ فَرُّوخَ فِي رِسَالَةٍ.

قُلْت: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرُّوخَ رَدَّهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي رِسَالَةٍ خَاصَّةٍ، وَالتَّقْلِيدُ وَإِنْ جَازَ بِشَرْطِهِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمُفْتِي لِغَيْرِهِ، فَلَا يُفْتِي بِغَيْرِ الرَّاجِحِ فِي مَذْهَبِهِ، لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي رَسْمِ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ: وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ مُخْبِرٌ عَنْ الْحُكْمِ، وَالْقَاضِيَ مُلْزِمٌ بِهِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ وَالْفُتْيَا بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ جَهْلٌ وَخَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الْعَمَلِ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا إلَخْ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَافْهَمْ.

حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي ٣/‏٥٠٨ — ابن عابدين (ت ١٢٥٢)

 

وحيث لم يوجد له اختيار فقول يعقوب هو المختار

 

ثم محمد فقوله الحسن ثم زفر وابن زياد الحسن

 

وقيل بالتخيير في فتواه ان خالف الإمام صاحباه

 

وقيل من دليله اقوى رجح وذالمفت ذى اجتهاد الاصح

 

(والحاصل) أنه إذا انفق أبو حنيفة وصاحباه على جواب لم يجز العدول عنه إلا لضرورة وكذا إذا وافقه أحدهما واما إذا انفرد عنهما بجواب وخالفاه فيه فإن انفرد كل منهما بجواب أيضًا بإن لم يتفقا على شيء واحد فالظاهر ترجيح قوله أيضا واما إذا خالفاه واتفقا على جواب واحد حتى صار هو في جانب وهما في جانب فقيل يرجح قوله أيضًا وهذا قول الإمام عبد الله بن المبارك وقيل يتخير المفتى وقول السراجية والاول أصح إذا لم يكن المفتى مجتهدا يفيد اختيار القول الثانى ان كان المفتى مجتهدا ومعنى تخييره أنه ينظر في الدليل فيفتى بما يظهر له ولا يتعين عليه قول الإمام وهذا الذي صححه في الحاوى أيضًا بقوله والاصح أن العبرة لقوة الدليل لأن اعتبار قوة الدليل شأن المفتى المجتهد فصار فيما إذا خالفه صاحباه ثلاثة أقوال الأول اتباع قول الإمام بلا تخيير الثاني التخيير مطلقا الثالث وهو الاصح التفصيل بين المجتهد وغيره و به جزم قاضي خان كما يأتي والظاهر أن هذا توفيق بين القولين بحمل القول باتباع قول الإمام على المفتي الذي هو غير مجتهد وجل القول بالتخيير على المفتى المجتهد وإذا لم يوجد للإمام نص يقدم قول إلى يوسف ثم محمد الخ والظاهر ان هذا في حق غير المجتهد اما المفتى المجتهد فيتخير بما يترجح عنده دليله نظير ما قبله (وقد) علم من هذا أنه لا خلاف في الأخذ بقول الإمام إذا وافقه أحدهما ولذا قال الإمام قاضى خان وإن كانت المسئلة مختلفا فيها بين أصحابنا فإن كان مع أبي حنيفة أحد صاحبيه يأخذ بقولهما أي بقول الإمام ومن وافقه لوفور الشرائط واستجماع ادلة الصواب فيها وإن خالفه صاحباه في ذلك فإن كان اختلافهم اختلاف عصر وزمان كالقضاء بظاهر العدالة يأخذ بقول صاحبيه لتغيير احوال الناس وفى المزارعة والمعاملة ونحوها يختار قولهما لاجماع المتأخرين على ذلك وفيما سوى ذلك يخير المفتى المجتهد ويعمل بما افضى إليه رأيه وقال عبد الله بن المبارك يأخذ بقول أبي حنيفة انتهى (قلت) لكن قدمنا أن ما نقل عن الإمام من قوله إذا صح الحديث فهو مذهبي محمول على ما لم يخرج عن المذهب بالكلية كما ظهر لنا من التقرير السابق ومقتضاه جواز اتباع الدليل وإن خالف ما وافقه عليه أحد صاحبيه ولهذا قال في البحر عن التتارخانية إذا كان الإمام في جانب وهما في جانب خير المفتى وإن كان أحدهما مع الإمام اخذ بقولهما إلا إذا اصطلح المشايخ على قول الآخر فيتبعهم كما اختار الفقيه أبو الليث قول زفر في مسائل انتهى وقال في رسالته المسماة رفع الغشاء في وقت العصر والعشاء لا يرجح قول صاحبيه أو أحدهما على قوله إلا لموجب وهو اما ضعف دليل الإمام واما للضرورة والتعامل كترجيح قولهما في المزارعة والمعاملة واما لأن خلافهما له بسبب اختلاف العصر والزمان وانه لو شاهد ما وقع في عصرهما لوافقهما كعدم القضاء بظاهر العدالة (ويوافق) ذلك ما قاله العلامة المحقق الشيخ قاسم في تصحيحه ونصه على أن المجتهدين لم يفقدوا حتى نظروا في المختلف ورجحوا وصححوا فشهدت مصنفاتهم بترجيح قول أبي حنيفة والأخذ بقوله إلا في مسائل بسيرة اختاروا الفتوى فيها على قولهما أو قول أحدهما وإن كان الآخر مع الإمام كما اختاروا قول أحدهما فيما لا نص فيه للإمام للمعاني التي أشار إليها القاضي بل اختاروا قول زفر في مقابلة قول الكل نحو ذلك وترجيحاتهم وتصحيحاتهم باقية فعلينا اتباع الراجح والعمل به كما لو افتوا في حياتهم انتهى (تتمة) قال العلامة البيرى والمراد بالاجتهاد أحد الاجتهادين وهو المجتهد في المذهب وعرف بأنه المتمكن من تخريج الوجوه على منصوص امامه أو المتبحر في مذهب امامه المتمكن من ترجيح قول له على آخر اطلقه اهـ وسيأتى توضيحه

 

فالآن لا ترجيح بالدليل فليس إلا القول بالتفصيل

 

ما لم يكن خلافه المصححا فنأخذ الذى لهم قد وضحا

 

فاننا نراهمو قد رجحوا مقال بعض صحبه وصححوا

 

من ذاك ما قد رجحو الزفر مقاله في سبعة وعشر

 

(قَوْلُهُ: فَيَخْتَارُ الْأَقْوَى) أَيْ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ أَوْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَنْسَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ بَقِيَّةِ قُيُودِ التَّخْيِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَلْيَقُ) أَيْ لِزَمَانِهِ وَالْأَصْلَحُ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلْيُحْفَظْ) أَيْ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْحُكْمَ إنْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا يُفْتَى بِهِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَإِمَّا أَنْ يُصَحِّحَ الْمَشَايِخُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَوْ كُلًّا مِنْهُمَا، أَوَّلًا وَإِلَّا فَفِي الثَّالِثِ يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ، بِأَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ، أَوْ يُعْتَبَرُ قُوَّةُ الدَّلِيلِ، وَقَدْ مَرَّ التَّوْفِيقُ، وَفِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ التَّصْحِيحُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ خُيِّرَ الْمُفْتِي، وَإِلَّا فَلَا، بَلْ يُفْتَى بِالْمُصَحَّحِ فَقَطْ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الرِّسَالَةِ. وَفِي الثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَوْ لَا. فَفِي الْأَوَّلِ قِيلَ يُفْتَى بِالْأَصَحِّ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ وَقِيلَ بِالصَّحِيحِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِي الثَّانِي يُخَيَّرُ الْمُفْتِي وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ وَقْفِ الْبَحْرِ وَالرِّسَالَةِ أَفَادَهُ ح.

 

(قَوْلُهُ: فِي تَصْحِيحِهِ) أَيْ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّصْحِيحِ، وَالتَّرْجِيحِ الْمَوْضُوعِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ.

(قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِالتَّشَهِّي، بَلْ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَا رَجَّحُوهُ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي مُخْبِرًا وَالْقَاضِي مُلْزِمًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْحُكْمَ وَالْفُتْيَا إلَخْ) وَكَذَا الْعَمَلُ بِهِ لِنَفْسِهِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ [الْعِقْد الْفَرِيدِ فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ]: مُقْتَضَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَنْعُ الْعَمَلِ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ دُونَ الْعَمَلِ لِنَفْسِهِ. مَطْلَبُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ حَتَّى لِنَفْسِهِ عِنْدَنَا

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْعُ عَنْ الْمَرْجُوحِ حَتَّى لِنَفْسِهِ لِكَوْنِ الْمَرْجُوعِ صَارَ مَنْسُوخًا اهـ فَلْيُحْفَظْ، وَقَيَّدَهُ الْبِيرِيُّ بِالْعَامِّيِّ أَيْ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ يَعْرِفُ بِهِ مَعْنَى النُّصُوصِ حَيْثُ قَالَ: هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ مِنْ الرِّوَايَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، نَعَمْ إذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ، أَمَّا إذَا كَانَ عَامِّيًّا فَلَمْ أَرَهُ، لَكِنْ مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِذِي الرَّأْيِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ ذَلِكَ. قَالَ فِي خِزَانَةِ الرِّوَايَاتِ: الْعَالِمُ الَّذِي يَعْرِفُ مَعْنَى النُّصُوصِ وَالْأَخْبَارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الدِّرَايَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ فِي حَيْضِ الْبَحْرِ فِي بَحْثِ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ أَقْوَالًا ضَعِيفَةً، ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ فَخْرِ الْأَئِمَّةِ: لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ طَلَبًا لِلتَّيْسِيرِ كَانَ حَسَنًا. اهـ. وَكَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ بَعْدَ فُتُورِ الشَّهْوَةِ لَا يَجِبُ بِهِ الْغَسْلُ ضَعِيفٌ، وَأَجَازُوا الْعَمَلَ بِهِ لِلْمُسَافِرِ أَوْ الضَّيْفِ الَّذِي خَافَ الرِّيبَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ.

شرح عقود رسم المفتي — ابن عابدين (ت ١٢٥٢)

 

حكم الإقتداء بالمخالف

 

وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ إذَا اعْتَقَدَ فَسَادَ صَلَاةِ الْإِمَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.

المبسوط للسرخسي ١/‏٢١٦ — شمس الأئمة السرخسي (ت ٤٨٣)

 

وَالسَّادِس امامة الَّذِي يقْرَأ من الْمُصحف جَائِزَة فِي قَول ابي يُوسُف وابي عبد الله وَلَا تجوز فِي قَول ابي حنيفَة..

وَالتَّاسِع امامة من لَا يرى الْوضُوء من الْحجامَة والرعاف والقيء

جَائِزَة مَا لم ير انهم لم يتوضؤا من ذَلِك فاذا رؤى فَلَا تجوز الصَّلَاة خَلفهم فِي قَول الْفُقَهَاء وَفِي قَول ابي عبد الله جَائِزَة

والعاشرة امامة من يرى الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ جَائِزَة فِي قَول ابي عبد الله رأه مسح على الْقَدَمَيْنِ اَوْ لم يره وَعند الْفُقَهَاء كَمَا ذكرنَا فِي المسئلة الاولى.

النتف في الفتاوى للسغدي ١/‏٩٧ — السغدي (ت ٤٦١)

 

والمقتدي إذا اعتقد فساد صلاة الإمام تفسد صلاته، كما لو اشتبهت القبلة على الإمام والقوم، فتحرى الإمام إلى جهة والمقتدي إلى جهة أخرى وهو عالم أن الإمام صلى إلى غير جهته فإنه لا يصح اقتداؤه به.

المحيط البرهاني ١/‏١٥٥ — برهان الدين ابن مازه البخاري (ت ٦١٦)

 

قوله: وَإِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ كَالْفَصْدِ وَغَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ،. يعني: أن الاقتداء به (٩) إنما يصح إذا كان الإمام يتجافى مواضع الاختلاف بأن يتوضأ في الخارج النجس من غير السبيلين، وأن يقف إلى القبلة مستويًا، ولا ينحرف انحرافًا فاحشًا، ولا يكون متعصبًا، ولا شاكًا في إيمانه، كذا ذكره الإمام قاضي خان (١٠)

النهاية في شرح الهداية – السغناقي ٣/‏١١٣ — السغناقي (ت ٧١١)

 

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُحْدِثَ كَمَا عَرَفْت لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ قَالَ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ بِإِمَامِهِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ أَعَادَهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَخَلَّ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ وَالْعِبْرَةُ لِرَأْيِ الْمُقْتَدِي حَتَّى لَوْ رَأَى عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةً أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ وَاعْتَقَدَ الْمُقْتَدِي أَنَّهُ مَانِعٌ وَالْإِمَامُ خِلَافُهُ أَعَادَ وَفِي عَكْسِهِ وَالْإِمَامُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا يُعِيدُ، وَلَوْ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِذَا قَطْرَةٌ مِنْ دَمٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا مِنْ صَاحِبِهِ أَعَادَ الْمُقْتَدِي لِفَسَادِ صَلَاتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري ١/‏٣٨٨ — زين الدين ابن نجيم (ت ٩٧٠)

 

وأما المقصد الرابع فهو ما حكم الإقتداء بالمخالف

وهل العبرة في ذلك لرأي المقتدي أو الإمام

 

اعلم: أن هذه المسألة قد صنف فيها الإمام السندي [٤] من تابعي الإمام ابن الهمام رسالة [مسمى (غاية التحقيق)] وبسط فيها الكلام فنورد بعضه على وجهه الاختصار، وفي كتب فقهائنا عبارات أيضًا تفيد كراهة ما ذكر في هذه الرسالة التي للسندي، رحمه الله تعالى، تركنا ذكرهما خوف الإطالة في هذه العجالة، والذي قاله السندي في رسالته، رحمه الله تعالى، هو قوله: “اعلم أنه قد اختلف علماؤنا رضي الله عنهم قديمًا وحديثًا في جوازه، يعني جواز الاقتداء بالمخالف، على أربعة أقوال: القول الأول: أنه يجوز الاقتداء به إذا كان يحتاط في مواضع الخلاف، وإلا فلا. وعلى هذا أكثر المشايخ، رحمهم الله تعالى، منهم الإمام شمس الأئمة الحلواني، وشمس الأئمة السرخسي، وصدر الإسلام، وأبو الليث السمرقندي، وصاحب الهداية، وصاحب الكافي، وقاضيخان، والمرغيناني، وصاحب التاتارخانية، والصدر الشهيد، وتاج الشريعة، وصاحب المضمرات، وصاحب النهاية، وقوام الدين، وغيرهم من المشايخ.

 

وهذا هو المذهب الصحيح الذي عليه المشايخ سلفًا وخلفًا، وهو أن العبرة في جواز الصلاة وعدمه لرأي المقتدي، في حق نفسه، لا لرأي إمامه، فلو علم المقتدي من الإمام ما يفسد الصلاة على زعم الإمام، كمس المرأة أو غيره، جاز الاقتداء به، لأنه يرى جوازها والمعتبر في حقه رأيه لا غير. فوجب القول بجوازها، ولو علم منه ما يفسد الصلاة عنده لا عند الإمام لا يجوز الاقتداء به، لما قلنا أن العبرة لرأي المقتدي، وأنه لم ير الاقتداء به جائزًا، فوجب القول بعدم الجواز، فإن صلى معه يعيد صرح به الصدر الشهيد.

 

وهذا هو الأصل الذي لا محيص عنه للحنفي، فإنه إما أن يسلم هذا الأصل، أو لا، فإن كان الثاني فلا خطاب معه لتركه المذهب، وإن كان الأول فلا محيص عنه، أو يسلم في مسائل دون أخرى، فيحتاج إلى الفرق. ثم أنه، رحمه الله تعالى، سرد نقولًا عديدة، ثم قال: “اعلم أنه إذا احتاط جميع مواضع الخلاف، ولم يعلم منه مفسد، هل يجوز الاقتداء به بلا كراهة أم لا؟ وهل عليه إعادتها أم لا، ففي (الكفاية شرح الهداية) و (شرح المجمع) و (مفتاح السعادة) أنه مع الكراهة، وفي فتاوى قاضيخان [١] ومع هذا لو صلى الحنفي خلف شافعي كان مسيئا، وفي بعض كتب آخر يكره، خلف الشافعي المحترز عما يبطله عندنا، وهو المختار. ثم قال رحمه الله تعالى القول الثاني: أنه يجوز الاقتداء بالشافعي إذا لم تعلم منه المخالفة فيما تقدم من الشروط، وهذا القول مختار ركن الإسلام علي السعدي، وذكره التمرتاشي وصححه شيخ الإسلام خواهر زاده.

 

القول الثالث: أنه لا يجوز الاقتداء به مطلقًا، وإن راعى مواضع الخلاف، لأنه لا يؤدي ذلك نية الفرض.

القول الرابع: أنه يجوز الاقتداء به مطلقًا قياسًا على قول أبي بكر الرازي [٢] عن صحة الاقتداء بمن عرف ثم علم أن هذا القول انفرد به الرازي وخالفه جمهور العلماء، فلذا قال صاحب الإرشاد: لا يجوز الاقتداء به أي بالشافعي في الوتر بإجماع أصحابنا، يعني إذا سلم على رأس الركعتين، وقال الزيلعي وهو الصحيح، ولم يعتبر قول الرازي للمخالفة الأكثر، حتى قال صاحب الدرر: وخلاف الواحد في مسألة واحدة لا يكون معتبرًا، ويكون ردًا عليه.

 

والحاصل: أن الاحتجاج بقول الرازي لا يكاد يصبح لمرجوحيته، وقد قالوا: المرجوح في مقابلة الراجح بعزلة المعدوم.

انتهى كلام السندي رحمه الله تعالى باختصار، وتمامه مفصل هناك، وقال الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه تصحيح القدوري: إني رأيت من عمل في مذهب أئمتنا بالتشهي حتى سمعت من لفظ بعض القضاة، وهل ثم حجر فقلت: نعم اتباع الهوى حرام، والمرجح في مقابلة الراجح بعزلة العدم، والترجيح بغير مرجح في المتقابلات ممنوع. انتهى.

وقد ذكر الشيخ محمد بن فرخ المكي في رسالته قول الرازي هذا، وبني رسالته عليه، كما صرح بذلك فيه، حيث قال: وهذا القول يعني قول الرازي هو المنصور دراية، وإن اعتمد خلافه رواية عندنا، فالمعتمد هو الذي أميل إليه وعليه يتمشى ما ذهبنا إليه في هذه الورقات. انتهى كلامه. فهذا هو التشهي واتباع المرجوح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. واستدل في رسالته المذكورة على جواز الاقتداء بالمخالف من غير مراعاة منه لمواضع الخلاف كما هو مقتضى كلامه، فيها بما كانت عليه الصحابة رضي الله عنهم من أنهم كانوا يقتدي بعضهم ببعض، وكذا التابعون وفيهم المجتهدون بلا نكير منهم في ذلك، وقد ترك الاستدلال بقول المذهب الصريحة، وعدل إلى الاستدلال بما كانت عليه الصحابة، فيقال له: كانت الصحابة رضي الله عنهم مجتهدين، بصريح قولك، وأنت تابع لمجتهد آخر، هو أبو حنيفة مثلًا، فكيف تقيس اجتهادهم على اجتهاد أبي حنيفة، فقد كانت مذاهبهم تقتضي ذلك، ومذهبك لا يقتضيه، مع أنه لم يثبت عنهم الاجتماع على ذلك، بل بطريق الإجمال من أنهم كانوا يصلّون كلهم بالجماعة، لا منفردين، ونحن لا نعلم كيف كانوا على وجه التفصيل، فلا يصح الاستدلال بذلك في مقابلة الصريح من المذهب، كما رأيت ومذاهب الصحابة لا يجوز تقليدها الآن، كما تقدم عن إمام الحرمين، بل لا يجوز تقليد غير المذاهب الأربعة، كما سبق، والله أعلم.

خلاصة التحقيق في حكم التقليد والتلفيق للإمام عبد الغني النابلسي (ت١١٤٣٠)، ص١٣-١٥