Frage
As-salāmu
‘alaikum wa rahmatullāhi wa barakatuhu, wie sollte man damit umgehen, wenn die
lokale Moscheegemeinschaft das Witr-Gebet mit einem Taslīm nach den ersten
beiden Rakaʿāt verrichtet?
Antwort
بسم
الله الرحمن الرحيم
حامدا
ومصليا ومسلما
وعلیکم
السلام ورحمة الله وبركاته
Zunächst kann man den
Imam und die Masjid-Verwaltung in respektvoller und höflicher Weise ansprechen
und erbitten, das Witr-Gebet in drei
Rakaʿāt mit einem einzigen Taslīm am Ende zu verrichten, sodass dieses für alle
Mitbetenden rechtsgültig ist.
Wenn
dies möglich ist, gilt das Witr-Gebet eines hanafitischen Mitbetenden hinter
dem Imam gemäß der bevorzugten Meinung als gültig, vorausgesetzt, es liegt kein
anderer māniʿ (hindernder Faktor) vor.
Falls
dies jedoch nicht umgesetzt wird, ist das Witr-Gebet hinter dem Imam nach der
hanafitischen Rechtsschule ungültig. In diesem Fall schlagen wir für die
Anhänger dieser Rechtsschule die folgenden vier Optionen vor:
1.
Sowohl das Tarāwīh-
als auch das Witr-Gebet in einer Masjid zu verrichten, die der hanafitischen
Rechtsschule folgt. Dies wäre die bevorzugte Option.
2.
Das Witr-Gebet, in
Absprache mit der Masjid-Verwaltung, in einem separaten Raum der Masjid
innerhalb der Gemeinschaft zu verrichten – sofern dadurch keine Fitnah
entsteht.
3.
Das Tarāwīh- als
auch das Witr-Gebet in einer Masjid zu verrichten, in der der Imam das
Witr-Gebet in drei Rakaʿāt mit einem Taslīm verrichtet.
4.
Das Witr-Gebet zu
Hause verrichten, nachdem die 20 Rakaʿāt des Tarāwīh-Gebets in der Masjid
abgeschlossen wurden.
والله
أعلم بالصواب
Beantwortet von Sheikh
Nadar Umer Kiyani
Bestätigt durch Dār al-Iftā’
Deutschland
26.03.25,
Deutschland
Quellen
قلت أرأيت إن كان في القوم متوضؤن ومتيممون وعلم المتوضؤن
بالماء ولم يعلم به الإمام ولا المتيممون حتى سلم بهم قال أما المتوضؤن فصلاتهم فاسدة وأما الإمام والمتيممون الذين لم يعلموا بالماء
فصلاتهم تامة.
الأصل – ت الأفغاني ١/١٢٠ — محمد بن الحسن الشيباني رحمه
الله (ت ١٨٩ (
مسائل لم تدخل في الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة: في رجل أمَّ قوماً في ليلة
مظلمة، فتحرى القبلة وصلى إلى المشرق، وتحرى من خلفه فصلى بعضهم إلى المغرب وبعضهم
إلى القبلة وبعضهم إلى دبر القبلة، وكلهم
خلف الإمام لا يعلمون ما صنع الإمام، أجزأهم
الجامع الصغير ٧٤/١ — لمحمد بن الحسن الشيباني (ت ١٨٩)
قال نصير: سألتُ
شدادا ممن رأى الإمام أبا حنيفة ولازم الإمام زفرعن المقتدي يرى البول على
ثوب الإمام أقل من قدر الدرهم والمقتدي من رأيه أن لا تجوز الصلاة إذا كان البول
قليلاً أو كثيراً، ورأي الإمام أن الصلاة جائزة؟ قال: على المقتدي أن يُعيد
الصلاة. قال: قلتُ له: فإن كان رأي المقتدي جواز الصلاة، ورأي الإمام فساد الصلاة
ولا يعلم به الإمام وعلم المقتدي؟ قال:
لا يعيد الصلاة وإنما أنظر إلى رأي المقتدي. قال نصير: وبه نأخذ.
الفتاوى من أقاويل المشايخ في الأحكام الشرعية ص٩٠ — لأبي
الليث السمرقندي رحمه الله (ت٣٧٣)
وذكر عن أبي مطيع أنه قال: كنت أصلي خلف هشام بن عروة يوم
الجمعة وهو يرى الماء من الماء، يعني لا يرى الاغتسال بالجماع إلا بالإنزال، فخشيت أن لا تجوز صالتي خلفه إذا فعل ذلك الفعل
ولم يغتسل، وكنت لا أقدر أن أسأله عن ذلك فقلت له: رحمك الله ترى الغسل يوم
الجمعة واجبا؟ قال: ما فاتني منذ كذا وكذا سنة، فذهب الشغل من قلبي
نفس المصدر ص١٥
ومن شرط الصحة أن لا يعلموا بحال
الإمام، فإن علموا فسدت صلاتهم كَذَلِكَ ذكر في الأصل، وَذَلِكَ أنَّ المجتهد يصيب
مرة ويخطئ أخرى، فَإِذَا علموا كَانَ عندهم فساد صلاته، ففسدت بِذَلِكَ صلاتهم،
وهذا نص من أصحابنا عَلَى أنهم لم يقولوا إنّ كل مجتهد مصيب، خلافا للمعتزلة،
وأنّ من نسب ذلك إليهم فَقَدْ تقول عَلَيْهِمْ. ومن شرط صحة صلاتهم أن لا يتقدموا
امامهم، فمن تقدمه فسدت صلاته ، لأنَّ اقتداءه بِهِ لا يصح، والقوم إذا تحلقوا في
الكعبة، صحت صلاتهم وإن علموا بحال الإمام، لأنَّ كُلُّ جهة حق بيقين إِلَّا من
تقدم إمامه إِلَى جهته
شرح الجامع الصغير ٢٢٥/١ — فخر الإسلام البزدوي رحمه الله
(ت ٤٨٢)
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّوْا فِي ظُلْمَةِ
اللَّيْلِ وَاقْتَدوا بِالْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ عُلِمَ
أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِمَامِ فِي الْجِهَةِ هُنَاكَ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ
إمَامَهُ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ
الْقِبْلَةَ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ
وَهَاهُنَا كُلُّ جَانِبٍ قِبْلَةٌ بِيَقِينٍ فَهُوَ لَا يَعْتَقِدُ الْخَطَأَ فِي
صَلَاةِ إمَامِهِ فَجَازَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ.
المبسوط ٢/٧٩ — شمس الأئمة السرخسي رحمه الله (ت ٤٨٣)
قَالَ (وَإِذَا أَمَّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ
فَأَبْصَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ الْمَاءَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْإِمَامُ
وَالْآخَرُونَ حَتَّى فَرَغُوا فَصَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ تَامَّةٌ إلَّا
مَنْ أَبْصَرَ الْمَاءَ) فَإِنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ
رحمه الله تَعَالَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ
رحمه الله وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ مِنْ سَبَبٍ وَهُوَ
فِي نَفْسِهِ مُتَوَضِّئٌ فَرُؤْيَةُ الْمَاءِ لَا تَكُونُ مُفْسِدًا فِي حَقِّهِ
وَإِنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ
هُنَا صَحِيحَةٌ فَلَا مَعْنَى لِفَسَادِ صَلَاتِهِ.
وَلَنَا
أَنَّ طَهَارَةَ الْإِمَامِ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي بِدَلِيلِ
أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ مُحْدِثٌ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْقَوْمِ،
وَطَهَارَتُهُ هُنَا تَيَمُّمٌ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ مَنْ أَبْصَرَ الْمَاءَ
كَأَنَّهُ هُوَ الْمُتَيَمِّمُ فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ
الْفَسَادَ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُصَلِّي
بِطَهَارَةِ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَالْمُقْتَدِي إذَا اعْتَقَدَ
الْفَسَادَ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ
عَلَيْهِمْ الْقِبْلَةُ فَتَحَرَّى الْإِمَامُ إلَى جِهَةٍ وَالْمُقْتَدِي إلَى
جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا كَانَ عَالِمًا أَنَّ إمَامَهُ
يُصَلِّي إلَى غَيْرِ جِهَتِهِ.
المبسوط ١/١٢٠ —
شمس الأئمة السرخسي رحمه الله (ت ٤٨٣)
باب مسائل متفرقة
رجل أمَّ قوماً في ليلة مظلمة بالتحري، ووقع تحري الإمام
إلى المشرق، ووقع تحري القوم إلى جهات مختلفة، وكلهم لم يعلموا بحال الإمام: جازت
صلاتهم إلا صلاة من تقدم على الإمام؛ لأن القبلة حالة الاشتباه ما وقع تحريه
إليها، لقوله عز وجل: “فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ”
البقرة: 115
أي رضا الله نزلت الآية حالة الاشتباه
فإن علموا بحال الإمام: لم تجز
صلاتهم؛ لأنهم زعموا أن صلاة الإمام فاسدة، والبناء على الفاسد فاسد
شرح الجامع الصغير ١٣١/١ — للعتابي رحمه الله (ت٥٨٦ (
وَهَذَا بِخِلَافِ جَمَاعَةٍ تَحَرَّوْا فِي لَيْلَةٍ
مُظْلِمَةٍ وَاقْتَدُوا بِالْإِمَامِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ عَلِمَ
أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ اعْتَقَدَ الْخَطَأَ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ لِأَنَّ عِنْدَهُ
أَنَّ إمَامَهُ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ لِلْقِبْلَةِ فَلَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ
بِهِ.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ١/١٢١ — الكاساني رحمه
الله (ت ٥٨٧)
قال: «ومن أم قوما في ليلة مظلمة فتحرى القبلة وصلى إلى
المشرق وتحرى من خلفه فصلى كل واحد منهم إلى جهة وكلهم خلفه ولا يعلمون ما صنع الإمام أجزأهم» لوجود التوجه إلى جهة
التحري وهذه المخالفة غير مانعة كما في جوف الكعبة «ومن علم منهم بحال إمامه تفسد
صلاته» لأنه اعتقد أن إمامه على الخطأ
«وكذا لو كان متقدما على الإمام» لتركه فرض المقام.
الهداية في شرح بداية المبتدي ١/٤٧ — المرغيناني رحمه الله
(ت ٥٩٣)
وأما الصلاة خلف شافعي المذهب: ذكر شيخ الإسلام رحمه الله:
أن من كان منهم يميل عن القبلة، أو يعلم
يقينًا أنه احتجم ولم يتوضأ، أو خرج منه شيء من غير السبيلين ولم يتوضأ، أو
أصاب ثوبه مني أكثر من قدر الدرهم ولم يغسله لا يجوز، وإن كان لا يميل عن القبلة، ولم يتيقن بالأشياء التي ذكرنا يجوز.
المحيط البرهاني ١/٤٠٦ — برهان الدين ابن مازه البخاري
رحمه الله (ت ٦١٦)
والفرق: وهو أن هناك السلام سلام عمد؛ لأنه سلم وهو عالم
أنه صلى ركعتين لا غير، والسلام العمد
يخرجه من الصلاة. أما ها هنا السلام سلام الساهي؛ لأنه سلم وقد بقي عليه
أركان الصلاة، وهذا هو حد السهو، والسلام
الساهي لا يخرجه عن الصلاة.
المحيط البرهاني ٢/٢١٤ — برهان الدين ابن مازه البخاري
رحمه الله (ت ٦١٦)
وقال قاضي خان، وصاحب الكتاب وغيرهما: ودلت المسألة على
جواز الاقتداء بالشفعوية.
قال صاحب المحيط وقاضي خان
وغيرهما: إنما يصح الاقتداء بهم إذا كان
الإمام يحتاط في موضع الخلاف، بأن كان لا ينحرف عن القبلة، ويجدد الوضوء من
الفصد والحجامة، ويغسل ثوبه من المني، ولا يكون متعصبا، ولا شاكّا في إيمانه، أي:
لا يقول أنا مؤمن إن شاء الله، بل يقطع بإيمانه من غير استثناء. وقال في المحيط: ولا يقطع وتره.
وقال
أبو بكر الرازي: اقتداء الحنفي بمن يسلم على الركعتين يجوز في
الوتر، ويصلي معه بقية الوتر، لأن إمامه
لم يخرج بسلامه عنده، لأنه مجتهد فيه، كما لو اقتدى بإمام رعف وهو يعتقد أن
طهارته باقية، لأنه مجتهد فيه فطهارته باقية في حقه.
ولا يصح الاقتداء في الرعاف
والحجامة، وبه قال الأكثرون. فإن رآه
احتجم ثم غاب فالأصح جواز الاقتداء به لأنه يجوز أن يتوضأ احتياطا وحسن
الظن به أولى. شاهد شافعيا مس امرأة ثم صلى ولم يتوضأ: قيل: يصح الاقتداء به.
وقيل: لا يصح، كاختلافهما في جهة التحري، فإنه يمنع. وفي الواقعات: رأى بثوب إمامه
بولا أقل من قدر الدرهم، وهو يرى أن لا تجوز الصلاة معه، والإمام يرى جوازها معه،
يعيد صلاته لأنه لم ير إمامه في الصلاة وبالعكس، والإمام لا يعلم قيام النجاسة
بثوبه لا يعيد لأنه يرى جواز صلاة إمامه. وحاصله
إذا كان يعتقد فساد صلاة إمامه، لا يصح اقتداؤه به.
الغاية شرح الهداية ٢٥٨/٤ — شمس الدين للسروجي رحمه الله (ت
٧١٠)
قلت: على هذا ينبغي أن يقال: على جواز الاقتداء بالشافعي.
قوله: وعلى المتابعة في قراءة
القنوت، أي: دلت على جواز المتابعة في قراءة القنوت، ووجهه ما ذكره الإمام قاضي
خان، والإمام التمرتاشي فقالا: لأن الخلاف في المتابعة في قنوت الفجر مع أنه اتباع
في الخطأ إجماع على المتابعة في الدعاء المسنون؛ لأن قنوت الوتر هو صواب بيقين.
وقال أبو اليسر رحمه الله: واختلفوا أيضًا في المسبوق إذا قعد مع الإمام هل يقرأ
التشهد والصلوات والدعوات قال: فهذه المسألة تدل على أنه يقرأ ذلك كله، وهو
اختيارنا.
قلت: ففي كل من حكم هاتين
الدلالتين خلاف إما جواز الاقتداء بشافعي المذهب، فقد ذكر أبو اليسر أن اقتداء
الحنفي بشافعي المذهب غير جائز من غير أن
يطعن في دينهم لما روى مكحول النسفي رحمه الله في كتاب سماه «كتاب الشعاع»، عن أبي
حنيفة: أن من رفع يديه عند الركوع، وعند رفع الرأس من الركوع تفسد صلاته، وجعل ذلك
عملا كثيرًا، فصلاتهم فاسدة عندنا، فلا يصح الاقتداء لهذا.
وذكر
في «الفوائد الظهيرية» بعدما ذكر هذا: ففيه نظر؛ لأن فساد الصلاة عند رفع الرأس من
الركوع برفع اليدين لا يمنع صحة الاقتداء في الابتداء لجواز صلاة الإمام إذ ذاك،
وأما في دلالته على المتابعة في قراءة القنوت، فقد روي عن محمد رحمه الله يقنت
الإمام ويسكت المقتدي، كذا ذكره الإمام التمرتاشي، وقال الإمام قاضي خان: ومن
الناس من قال: يقنت الإمام جهرًا ولا يقنت المقتدي، ثم قال: والأصح ما قلنا، وهو:
أن المقتدي يقنت كما يقنت مع الإمام.
قوله: وَإِذَا عَلِمَ
الْمُقْتَدِي مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ كَالْفَصْدِ وَغَيْرِهِ
لَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ،. يعني: أن الاقتداء به إنما يصح إذا كان الإمام يتجافى مواضع الاختلاف
بأن يتوضأ في الخارج النجس من غير السبيلين، وأن يقف إلى القبلة مستويًا، ولا
ينحرف انحرافًا فاحشًا، ولا يكون متعصبًا، ولا شاكًا في إيمانه، كذا ذكره الإمام
قاضي خان. فكان/ ما ذكره بعد ذكر الخارج النجس نظير قوله وغيره، ومن نظائر قوله
وغيره أيضًا: أن لا يتوضأ في الماء الراكد القليل، وأن يغسل ثوبه من المني أو يفرك
اليابس منه، ولا أن يقطع الوتر،
وأن يراعي الترتيب في الفوائت، وأن يمسح ربع رأسه. وذكر الإمام التمرتاشي عن شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده: أنه إذا لم يعلم
منه هذه الأشياء بيقين يجوز الاقتداء به، ويكره، ثم قال: ولو شهد احتجامه
ولم يتوضأ وغسل موضع الحجامة، الصحيح: أنه لا يجوز الاقتداء به لمن شاهد ذلك ولو
غاب عنه، ثم رآه يصلي الصحيح: أنه يجوز
الاقتداء يه، ثم ذكر هاهنا الفساد الراجع إلى زعم المقتدي حيث قال: وإذا علم
المقتدي ما يزعم به فساد صلاته، ولم يذكر حكم الفساد الراجع إلى زعم الإمام. وذكر الإمام
التمرتاشي: فإن شاهد أنه مس امرأةً ولم يتوضأ، ثم اقتدى به فإن أكثر مشايخنا
قالوا: يجوز، وقال الهندواني وجماعة: لا يجوز. قلت: وقول الإمام
الهندواني: أقيس لما أن زعم الإمام أن صلاته ليست بصلاة، فكان الاقتداء حينئذ بناء
الموجود على المعدوم في زعم الإمام، وهو الأصل، فلا يصح الاقتداء.
النهاية في شرح الهداية
٣/١١٤ — السغناقي رحمه الله (ت ٧١١)
(وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ
الِاقْتِدَاءِ بِالشَّفْعَوِيَّةِ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَدُلُّ
عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اقْتِدَاءَ حَنَفِيِّ الْمَذْهَبِ
بِشَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ جَائِزٌ.
وَالثَّانِي أَنَّ
الْمُقْتَدِيَ يُتَابِعُ إمَامَهُ فِي قِرَاءَةِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ،
وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ مَعَ
أَنَّهُ اتِّبَاعٌ فِي الْخَطَإِ إجْمَاعٌ عَلَى الْمُتَابَعَةِ فِي الدُّعَاءِ
الْمَسْنُونِ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ صَوَابٌ بِيَقِينٍ. وَقَالَ أَبُو
الْيُسْرِ: الِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ غَيْرِ
أَنْ يَطْعَنَ فِي دِينِهِمْ؛ لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ النَّسَفِيُّ فِي كِتَابٍ
سَمَّاهُ الشُّعَاعُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ
الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَجَعَلَ ذَلِكَ
عَمَلًا كَثِيرًا، فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ
بِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ
الرُّكُوعِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فِي
الِابْتِدَاءِ لِجَوَازِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إذْ ذَاكَ، ثُمَّ قَوْلُهُ:
بِالشَّفْعَوِيَّةِ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَى
الشَّافِعِيِّ شَافِعِيٌّ بِحَذْفِ يَاءِ النِّسْبَةِ مِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي
مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ) يَعْنِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ إنَّمَا
يَصِحُّ إذَا تَحَامَى مَوَاضِعَ الْخِلَافِ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ فِي
الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَبِأَلَّا يَنْحَرِفَ عَنْ
الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا فَاحِشًا، وَلَا يَكُونُ شَاكًّا فِي إيمَانِهِ، وَأَلَّا
يَتَوَضَّأَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ، وَأَنْ يَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ
الْمَنِيِّ إنْ كَانَ رَطْبًا أَوْ يَفْرُكَ الْيَابِسَ مِنْهُ، وَأَلَّا يَقْطَعَ الْوِتْرَ،
وَيُرَاعِيَ التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ وَأَنْ يَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ
الْأَشْيَاءِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ وَيُكْرَهُ.
هَذَا حُكْمُ الْفَسَادِ الرَّاجِعِ إلَى زَعْمِ الْمُقْتَدِي، وَلَمْ
يَذْكُرْ حُكْمَ الْفَسَادِ الرَّاجِعِ إلَى زَعْمِ الْإِمَامِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ
مَشَايِخُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ إنَّ
الْمُقْتَدِيَ إنْ رَأَى إمَامَهُ مَسَّ امْرَأَةً وَلَمْ يَتَوَضَّأْ لَا يَصِحُّ
الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ مَشَايِخِنَا
جَوَّزُوهُ.
قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ:
وَقَوْلُ الْهِنْدُوَانِيِّ أَقْيَسُ لِمَا أَنَّ زَعْمَ الْإِمَامِ أَنَّ
صَلَاتَهُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ فَكَانَ الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ بِنَاءُ
الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ فِي زَعْمِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا
يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ.
العناية شرح الهداية – بهامش فتح القدير ط الحلبي ١/٤٣٨ —
البابرتي رحمه الله (ت ٧٨٦)
أما الصلاة خلف الشافعي إذا انحرف عن القبلة لا يجوز، أو لم
يتوضأ من الخارج من غير السبيلين، أو لم يغسل المني الذي هو أكثر من الدرهم لا تجوز على الأصح، وإلا فتجوز
البناية شرح الهداية ٢/٣٣٣ — بدر الدين العيني رحمه الله (
– ٨٥٥)
(قَوْلُهُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى
جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّفْعَوِيَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ
بِالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا عُرِفَ مِنْ وُجُوبِ حَذْفِ يَاءِ
النَّسَبِ إذَا نُسِبَ إلَى مَا هِيَ فِيهِ، وَوَضْعِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مَكَانَهَا
حَتَّى تَتَّحِدَ الصُّورَةُ قَبْلَ النِّسْبَةِ الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا
وَالتَّمْيِيزُ حِينَئِذٍ مِنْ خَارِجٍ. ثُمَّ
وَجْهُ الدَّلَالَةِ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي أَنَّهُ يُتَابِعُهُ
أَوْ لَا فَيَقِفُ سَاكِتًا أَوْ يَقْعُدُ يَنْتَظِرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ
أَوْ يُسَلِّمَ قَبْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ فِي السَّلَامِ اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهُ
كَانَ مُقْتَدِيًا إذْ ذَاكَ وَهُوَ فَرْعُ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ، ثُمَّ إطْلَاقُ
الْقَانِتِ يَشْمَلُ الشَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ…..
ثُمَّ فِي كُلٍّ مِنْ
الْحُكْمَيْنِ خِلَافٌ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ أَبُو الْيُسْرِ اقْتِدَاءُ
الْحَنَفِيِّ بِشَافِعِيٍّ غَيْرُ جَائِزٍ، لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ النَّسَفِيُّ
فِي كِتَابٍ لَهُ سَمَّاهُ الشُّعَاعَ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ
عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ مُفْسِدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَمَلٌ
كَثِيرٌ حَيْثُ أُقِيمَ بِالْيَدَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ
أَخَذَ الْجَوَازَ قَبْلَهُمْ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَإِنَّهَا تُفِيدُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَبَقَاءَهُ إلَى وَقْتِ الْقُنُوتِ
فَتُعَارِضُ تِلْكَ وَتُقَدَّمُ هَذِهِ لِشُذُوذِ تِلْكَ صَرَّحَ بِشُذُوذِهَا فِي
النِّهَايَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَيْضًا فَالْفَسَادُ عِنْدَ
الرُّكُوعِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الِابْتِدَاءِ، مَعَ
أَنَّ عُرُوضَ الْبُطْلَانِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ لِأَنَّ الرَّفْعَ جَائِزُ
التَّرْكِ عِنْدَهُمْ.
وَلَوْ
تَحَقَّقَ فَالْعَمَلُ الْكَثِيرُ الْمُخْتَارُ فِيهِ مَا لَوْ رَآهُ شَخْصٌ مِنْ
بَعِيدٍ ظَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ
قَيَّدَ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ كَقَاضِي خَانْ بِأَنْ لَا يَكُونَ
مُتَعَصِّبًا وَلَا شَاكًّا فِي إيمَانِهِ، وَيُحْتَاطُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ
كَأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ وَيَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ
الْمَنِيِّ وَيَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ وَلَا يَقْطَعُ الْوِتْرَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ
تَعَصُّبَهُ إنَّمَا يُوجِبُ فِسْقَهُ، وَلَا مُسْلِمَ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ،
وَقَوْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَقُولُونَهَا لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلشَّرْطِ أَوْ لَهُ
بِاعْتِبَارِ إيمَانِ الْمُوَافَاةِ.
وَذَكَرَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِيَقِينٍ
يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَالْمَنْعُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ،
وَلَوْ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ رَآهُ يُصَلِّي: يَعْنِي بَعْدَمَا شَاهَدَ تِلْكَ
الْأُمُورَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ،
وَاَلَّذِي قَبْلَ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إذَا
عُرِفَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَطْ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ سَوَاءٌ
عَلِمَ فِي خُصُوصِ مَا يَقْتَدِي بِهِ فِيهِ أَوْ لَا. هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ
الْفَسَادَ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِمَامِ بِأَنْ شَاهَدَهُ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ
امْرَأَةً وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَصَلَّى وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ
ذَلِكَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ
يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَمُخْتَارُ الْهِنْدُوَانِيُّ وَجَمَاعَةٍ
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ
وَلَا بِنَاءَ عَلَى الْمَعْدُومِ.
قُلْنَا
الْمُقْتَدِي يَرَى جَوَازَهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ رَأْيُ نَفْسِهِ لَا
غَيْرِهِ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ إنَّ اقْتِدَاءَ الْحَنَفِيِّ بِمَنْ
يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ يَجُوزُ وَيُصَلِّي مَعَهُ
بَقِيَّتَهُ لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يُخْرِجْهُ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ
مُجْتَهِدٌ فِيهِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ يَقْتَضِي صِحَّةَ
الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ بَعْدَ
كَوْنِ الْفَصْلِ مُجْتَهِدًا فِيهِ. وَقِيلَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَلَى
رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ قَامَ الْمُقْتَدِي فَأَتَمَّ مُنْفَرِدًا، وَكَانَ
شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ يَعْتَقِدُ قَوْلَ الرَّازِيّ، وَأَنْكَرَ مَرَّةً
أَنْ يَكُونَ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ مَرْوِيًّا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ
حَتَّى ذَكَّرْته بِمَسْأَلَةِ الْجَامِعِ فِي الَّذِينَ تَحَرَّوْا فِي
اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَصَلَّى كُلٌّ إلَى جِهَةٍ مُقْتَدِينَ بِأَحَدِهِمْ،
فَإِنَّ جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ بِحَالِ إمَامِهِ
فَسَدَتْ لِاعْتِقَادِ إمَامِهِ عَلَى الْخَطَإِ
وَمَا ذُكِرَ فِي الْإِرْشَادِ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوِتْرِ
بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ.
يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَشَايِخِ فِي الِاقْتِدَاءِ
بِشَافِعِيٍّ فِي الْوِتْرِ أَنْ لَا يَفْصِلَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ عَدَمِ فَصْلِهِ. وَفِي
الْفَتَاوَى: اقْتِدَاءُ حَنَفِيٍّ فِي الْوِتْرِ بِمَنْ يَرَى أَنَّهُ سُنَّةٌ،
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: يَصِحُّ لِأَنَّ كُلًّا
يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْوِتْرِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ نِيَّتُهُمَا، فَأُهْدِرَ
اخْتِلَافُ الِاعْتِقَادِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَاعْتُبِرَ مُجَرَّدُ اتِّحَادِ
النِّيَّةِ، لَكِنْ قَدْ يَسْتَشْكِلُ إطْلَاقُهُ بِمَا
ذَكَرَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَأَدَّى
بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ جَوَازِ
صَلَاتِهِ مَنْ صَلَّى الْخَمْسَ سِنِينَ وَلَمْ يَعْرِفْ النَّافِلَةَ مِنْ
الْمَكْتُوبَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّ مِنْهَا فَرْضًا وَمِنْهَا نَفْلًا
فَأَفَادَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَعْرِفَةِ اسْمِ الصَّلَاةِ وَنِيَّتِهَا لَا
يُجَوِّزُهَا فَإِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ صَلَّى الْخَمْسَ وَيَعْتَقِدُ
أَنَّ مِنْ الْخَمْسِ فَرْضًا وَنَفْلًا.
وَهَذَا فَرْعُ تَعَيُّنِهَا
عِنْدَهُ بِأَسْمَائِهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى
آخِرِهِ، وَلِأَنَّ جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا إنَّمَا
هُوَ بِنَاءٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَعَمُّ مِنْ
أَنْ يُسَمِّيَهَا أَوَّلًا، فَإِنَّهُ إذَا سَمَّاهَا بِالظُّهْرِ وَاعْتِقَادُهُ
أَنَّ الظُّهْرَ نَفْلٌ فَهُوَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ نَاوٍ نَفْلًا مَخْصُوصًا
فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ
وِتْرُ الْحَنَفِيِّ اقْتِدَاءً بِوِتْرٍ الشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ
لَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الْوِتْرِ لِأَنَّهُ بِنِيَّتِهِ إيَّاهُ إنَّمَا
نَوَى النَّفَلَ الَّذِي هُوَ الْوِتْرُ فَلَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِنِيَّةِ
النَّفْلِ، وَحِينَئِذٍ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْمَعْدُومِ
فِي زَعْمِ الْمُقْتَدِي.
نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ
لَوْ لَمْ يَخْطِرْ بِخَاطِرِهِ عِنْدَ النِّيَّةِ صِفَتُهُ مِنْ السُّنِّيَّةِ
أَوْ غَيْرِهَا بَلْ مُجَرَّدُ الْوِتْرِ يَنْتَفِي الْمَانِعُ فَيَجُوزُ لَكِنْ
إطْلَاقُ مَسْأَلَةِ التَّجْنِيسِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ
يَخْطِرْ بِخَاطِرِهِ نَفْلِيَّتُهُ وَفَرْضِيَّتُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ
الْمُتَقَرِّرُ فِي اعْتِقَادِ نَفْلِيَّتِهِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ
لِلْمُتَأَمِّلِ.
فتح القدير للكمال ابن الهمام وتكملته ط الحلبي ١/٤٣٦ —
الكمال بن الهمام رحمه الله (ت ٨٦١)
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ
صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا بِكَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ
بِالشَّافِعِيِّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ حَتَّى صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ
بِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ مِنْهُ مَرَّةً عَدَمُ الْوُضُوءِ مِنْ الْحِجَامَةِ ثُمَّ
غَابَ عَنْهُ ثُمَّ رَآهُ يُصَلِّي فَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مَعَ
الْكَرَاهَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالشَّافِعِيِّ عَلَى
ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ
الِاحْتِيَاطَ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ
عَدَمَهُ فَلَا صِحَّةَ لَكِنْ اخْتَلَفُوا هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ
عَدَمَهُ فِي خُصُوصِ مَا يَقْتَدِي بِهِ أَوْ فِي الْجُمْلَةِ صَحَّحَ فِي
النِّهَايَةِ الْأَوَّلَ وَغَيْرُهُ اخْتَارَ الثَّانِيَ
وَفِي فَتَاوَى الزَّاهِدِيِّ
إذَا رَآهُ احْتَجَمَ ثُمَّ غَابَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ
بِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ
أَوْلَى الثَّالِثُ أَنْ لَا
يَعْلَمَ شَيْئًا فَالْكَرَاهَةُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
بَلْ إذَا صَلَّى حَنَفِيٌّ خَلْفَ مُخَالِفٍ لِمَذْهَبِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ
وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي وَلَا
اعْتِبَارَ لِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ شَاهَدَ الْحَنَفِيُّ إمَامَهُ
الشَّافِعِيَّ مَسَّ امْرَأَةً وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَإِنَّ
أَكْثَرَ مَشَايِخِنَا قَالُوا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي فَتْحِ
الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ
وَرَجَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ يُصَلُّ لَمَّا أَنْ زَعَمَ الْإِمَامُ
أَنَّ صَلَاتَهُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ فَكَانَ الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ بِنَاءُ
الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ فِي زَعْمِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا
يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى جَوَازَهَا
وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ رَأْيُ نَفْسِهِ لَا غَيْرِهِ
وَأَيْضًا يَنْبَغِي حَمْلُ
حَالَ الْإِمَامِ عَلَى التَّقْلِيدِ لِأَبِي حَنِيفَةَ حَمْلًا لِحَالِ
الْمُسْلِمِ عَلَى الصَّلَاحِ مَا أَمْكَنَ فَيَتَّحِدُ اعْتِقَادُهُمَا وَإِلَّا
لَزِمَ مِنْهُ تَعَمُّدُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَلَى اعْتِقَادِهِ
وَهُوَ حَرَامٌ إلَّا أَنْ تُفْرَضَ الْمَسْأَلَةُ أَنَّ الْمَأْمُورَ عَلِمَ بِهِ
وَالْإِمَامُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَيُقْتَصَرُ
عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ.
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهُوَ) تَفْسِيرٌ لِلشَّرْطِ
(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ
الِاحْتِيَاطَ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاطِ الْإِتْيَانُ بِالشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ
أَوْ مَا يَشْمَلُ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ عِنْدَنَا كَتَرْكِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ
عِنْدَ الِانْتِقَالَاتِ وَتَأْخِيرِ الْقِيَامِ عَنْ مَحَلِّهِ فِي الْقُعُودِ
الْأَوَّلِ بِسَبَبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ فِي شَرْحِ
الْمُنْيَةِ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ
فِي الْفُرُوعِ كَالشَّافِعِيِّ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ
الصَّلَاةَ عَلَى اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا
اُخْتُلِفَ فِي الْكَرَاهَةِ اهـ.
إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ
الِاخْتِلَافَ فِي الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُفْسِدِ
وَالْمُفْسِدُ إنَّمَا هُوَ تَرْكُ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ فَقَطْ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي
رِسَالَةٍ فِي الِاقْتِدَاءِ لِمُنْلَا عَلِيٍّ الْقَارِي وَأَنَّهُ فِيمَا عَدَا
الْمُبْطِلِ يَتْبَعُ مَذْهَبَهُ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْمُبْطِلِ فَإِذَا
فَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ بِدُونِ كَرَاهَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ
سِيَاقِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَعَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَهَلْ
الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَفْضَلُ أَمْ الِانْفِرَادُ قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ أَرَهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَاَلَّذِي يَحْسُنُ عِنْدِي الْأَوَّلُ
وَرُبَّمَا أَشْعَرَ كَلَامُهُمْ بِهِ وَقَدْ كُتِبَتْ عَلَى شَرْحِ زَادِ
الْفَقِيرِ لِلْغَزِّيِّ كِتَابَةٌ حَسَنَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت وَصُورَةُ مَا كَتَبَهُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ جَازَ
الِاقْتِدَاءُ بِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ بَقِيَ الْكَلَامُ فِي الْأَفْضَلِ مَا هُوَ
الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَوْ الِانْفِرَادُ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ
عُلَمَائِنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ وَيَحْسُنُ
عِنْدِي الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِي الثَّانِي تَرْكَ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ لَا
تَحْصُلُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ يُقْتَدَى
بِهِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَكَيْفَ يَكُونُ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ
مُنْفَرِدًا مَعَ وُجُودِ شَافِعِيٍّ صَالِحٍ عَالِمٍ تَقِيٍّ نَقِيٍّ يُرَاعِي
الْخِلَافَ بِهِ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مَا أَظُنُّ فَقِيهَ نَفْسٍ
يَقُولُ بِهِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ كَلَامُهُمْ بِمَا جَنَحْتُ إلَيْهِ وَاَللَّهُ
تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ.
قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
مَا فِي السِّرَاجِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قُلْت فَمَا الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ
خَلْفَ هَؤُلَاءِ أَوْ الِانْفِرَادُ قِيلَ أَمَّا فِي حَقِّ الْفَاسِقِ
فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَوْلَى فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ الرَّجُلَ
إذَا صَلَّى خَلْفَهُ يُحْرِزُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ لَا يَنَالُ ثَوَابَ
مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ تَقِيٍّ وَأَمَّا الْآخَرُونَ يَعْنِي الْعَبْدَ
وَالْأَعْرَابِيَّ وَالْفَاسِقَ وَوَلَدَ الزِّنَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ
الِانْفِرَادُ أَوْلَى لِجَهْلِهِمْ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ
يَكُونُوا عَلَى قِيَاسِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ
يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ تَكْرَهُ إمَامَتَهُمْ اهـ
وَقَدْ
ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ
تَنْزِيهِيَّةٌ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا وَجَدَ غَيْرَهُمْ
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ شَافِعِيٌّ تَقِيٌّ
يَحْتَاطُ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَإِذَا كَانَتْ أَفْضَلَ خَلْفَ فَاسِقٍ مَعَ
أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الدَّيْنِ فَمَا بَالُكَ بِشَافِعِيٍّ تَقِيٍّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ
الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا نَفْيُ
الْمُؤَلِّفِ الْكَرَاهَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّنْزِيهِيَّةُ
الثَّابِتَةُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ) تَقَدَّمَ عَنْ
الْمُجْتَبَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَاعِيًا لِلشَّرَائِطِ وَالْأَرْكَانِ
عِنْدَنَا فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُكْرَهُ وَإِلَّا
فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا (قَوْلُهُ فِي خُصُوصِ مَا يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ بِأَنْ
رَآهُ احْتَجَمَ وَصَلَّى مِنْ غَيْرِ غَيْبَةٍ وَلَا إعَادَةِ وُضُوءٍ فَلَا
يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْهُ عَدَمَ
الْمُرَاعَاةِ فِي خُصُوصِ مَا يُقْتَدَى بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي الْجُمْلَةِ
أَيْ بِأَنْ رَآهُ صَلَّى بِلَا إعَادَةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ
يُصَلِّي فَهَذِهِ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ عَدَمُ
الْمُرَاعَاةِ فِيهَا لَكِنَّهُ قَدْ عَلِمَهُ مِنْهُ فِي صَلَاةٍ غَيْرِهَا
فَقَدْ عَلِمَ مِنْهُ عَدَمَ الِاحْتِيَاطِ.
فِي الْجُمْلَةِ وَالْقَوْلُ
بِفَسَادِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَضْيَقُ مِنْ الْقَوْلِ
الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ
وَجَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَهُمْ هُوَ
رَأْيُ الْإِمَامِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَعَلَى هَذَا فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ
وَإِنْ لَمْ يَحْتَطْ اهـ.
وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ
وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ عِنْدَنَا لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي
فِي حَوَاشِي الدُّرَرِ أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي جَوَازِ
الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ رَأْيُ الْإِمَامِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ
الْهِنْدُوَانِيُّ أَرَادَ بِهِ رَأْيَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا لَا
رَأْيَ الْإِمَامِ فَقَطْ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ
فِي اعْتِبَارِ رَأْيِ الْإِمَامِ لَا فِي اعْتِبَارِ رَأْيِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ
اعْتِبَارَ رَأْيِهِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ثُمَّ
قَالَ فَالْحَنَفِيُّ الْمُقْتَدِي إذَا رَأَى فِي ثَوْبِ الشَّافِعِيِّ
الْإِمَامِ مَنِيًّا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ
الْمَنِيَّ نَجَسٌ عَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيِّ وَإِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ
نَجَاسَةً قَلِيلَةً يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا
يَجُوزُ عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ مَانِعَةٌ عَلَى
رَأْيِ الْإِمَامِ وَالْمُعْتَبَرُ رَأْيُهُمْ. اهـ. وَلَكِنْ لِيُتَأَمَّلَ هَذَا
مَعَ مَا مَرَّ مِنْ تَجْوِيزِ الرَّازِيِّ اقْتِدَاءَ الْحَنَفِيِّ بِمَنْ
يُسَلِّمُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ
يُخْرِجْهُ هَذَا السَّلَامُ فِي اعْتِقَادِهِ مَعَ أَنَّهُ فِي رَأْيِ
الْمُؤْتَمِّ قَدْ خَرَجَ فَلْيُحَرَّرْ.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري
١/٣٧٢ — زين الدين ابن نجيم رحمه الله (ت ٩٧٠)
وصحح الشارح الزيلعي أنه لا يجوز
اقتداء الحنفي بمن يسلم من الركعتين في الوتر
وجوزه أبو بكر الرازي
ويصلي معه بقية الوتر لأن إمامه لم يخرج
بسلامه عنده وهو مجتهد فيه كما لو اقتدى بإمام قد رعف. واشتراط المشايخ
لصحة اقتداء الحنفي في الوتر بالشافعي أن لا يفصله على الصحيح مفيد لصحته إذا لم
يفصله باتفاقاً، ويخالفه ما ذكره في
الإرشاد من أنه لا يجوز الاقتداء في الوتر بالشافعي بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء
المفترض بالمتنفل فإنه يفيد عدم الصحة فصل أو وصل فلذا قال
بعده: والأول أصح مشيرا إلى أن عدم الصحة إنما هو عند الفصل لا مطلقاً معللا بأن اعتقاد الوجوب ليس بواجب على الحنفي
اه. فمراده من الأول هو قوله في شروط الاقتداء بالشافعي، ولا يقطع وتره بالسلام هو الصحيح. ويشهد للشرح ما في السراج الوهاج أن الاقتداء به في
العيدين صحيح ولم يرد فيه خلاف مع أنه سنة عند الشافعي واجب عندنا، وما نقله أصحاب
الفتاوى عن ابن الفضل أن اقتداء الحنفي في الوتر بمن يرى أنه سنة كاليوسفي صحيح لأن كلاً يحتاج
إلى نية الوتر فلم تختلف نيتهما فأهدر اختلاف الاعتقاد في صفة الصلاة واعتبر مجرد
اتحاد النية. واستشكله في فتح القدير بما ذكره في التجنيس
وغيره من أن الفرض لا يؤدى بنية النفل ويجوز عكسه، فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز وتر
الحنفي اقتداء وتر الشافعي باعتبار أنه لم يصح شروعه في الوتر لأنه بينته إياه
إنما نوى النفل الذي هو الوتر فلا يتأدى الواجب بنية النفل، وحينئذٍ فالاقتداء به
فيه بناء على المعدوم في زعم المقتدي. نعم يمكن أن يقال: لو لم يخطر بباله عند
النية صفة السنة أو غيرها بل مجرد الوتر ينتفي المانع فيجوز لكن إطلاق مسألة
التجنيس يقتضي أنه لا يجوز وإن لم يخطر بخاطره نفلية وفرضية بعد أن كان المتقرر في اعتقاده نفليته وهو غير
بعيد للمتأمل اه.
وحاصلة ترجيح ما في الإرشاد
وتضعيف تصحيح الزيلعي، وما في الفتاوى عن ابن الفضل وليس فيما ذكره دليل عليه لأن ما في التجنيس وغيره إنما هو في الفرض القطعي
والوتر ليس بفرض قطعي إنما هو واجب ظني ثبت بالسنة فلا يلزم اعتقاد وجوبه للاختلاف
فيه، فلم يلزم في صحته تعيين وجوبه بل تعيين كونه وتراً. بل صرح في المحيط
والبدائع بأنه ينوي صلاة الوتر والعيدين فقط.
وصرح بعض المشايخ كما في شرح
منية المصلي بأنه لا ينوي في الوتر أنه واجب للاختلاف في وجوبه. فظهر بهذا أن
المذهب الصحيح صحة الاقتداء بالشافعي في الوتر إن لم يسلم على رأس الركعتين،
وعدمها إن سلم والله الموفق للصواب. ثم اعلم أن قوله في فتح
القدير “لكن إطلاق مسألة التجنيس يقتضي إلى آخره” غفلة عما ذكره صاحب
التجنيس في باب الوتر منه.
ولفظه:
إذا اقتدى في الوتر بمن يراه سنة وهو يراه واجبا ينظر إن كان نوى الوتر وهو يراه
سنة أو تطوعاً جاز الاقتداء، بمنزلة من صلى الظهر خلف آخر
وهو يرى أن الركوع سنة أو تطوع، وإن كان افتتح الوتر بنية التطوع أو بنية السنة لا
يصح الاقتداء لأنه يصير اقتداء المفترض بالمتنفل. كذا ذكره الإمام الرستغفني. هذا والذي ينبغي أن يفهم من قوله إنه لا ينوي
أنه واجب أنه لا يلزمه تعيين الوجوب لا أن المراد منعه من أن ينوي وجوبه، لأنه لا
يخلو إما أن يكون حنفياً أو غيره. فإن كان حنفياً ينبغي أن ينويه ليطابق اعتقاده،
وإن كان غيره فلا تضره تلك النية فإن من المعلوم أن انتفاء الوصف لا يوجب انتفاء
الأصل، فالأصل يبقى صلاة الوتر هنا وقد يخرج به عن العهدة.
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ
لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ)
فِيهِ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ
الضَّمِيرُ فِي عِنْدَهُ إلَى الْمُقْتَدِي الْحَنَفِيِّ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ
هَذَا السَّلَامَ عِنْدَهُ مُخْرِجٌ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى جَازَ لَهُ بَعْدَهُ
الْكَلَامُ وَنَحْوُهُ وَكَذَا إذَا رَجَعَ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ مُخْرِجٌ مِنْ
الصَّلَاةِ نَعَمْ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ سَلَامُهُ
مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُتَمِّمٌ وَمُخْرِجٌ مِنْهَا
وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ
إمَامِهِ أَيْ لَمْ يَبْطُلْ وِتْرُهُ لِصِحَّةِ فَصْلِهِ عِنْدَهُ وَيَكُونُ
هَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِرَأْيِ الْإِمَامِ كَمَا
سَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ وَجَمَاعَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ
كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ (قَوْلُهُ مُفِيدٌ لِصِحَّتِهِ إلَخْ)
فِي هَذِهِ الْإِفَادَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ
الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ عَدَمُ الْفَصْلِ عَلَى الصَّحِيحِ مُفِيدٌ
لِلْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْفَصْلِ لَا لِلِاتِّفَاقِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ عَلَى
الصَّحِيحِ سَبْقُ قَلَمٍ وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ هُنَا هَكَذَا وَمَا ذُكِرَ فِي
الْإِرْشَادِ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوِتْرِ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا
لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَشَايِخِ فِي الِاقْتِدَاءِ
بِشَافِعِيٍّ فِي الْوِتْرِ أَنْ لَا يَفْصِلَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ
الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ عَدَمِ فَصْلِهِ وَلَا غُبَارَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ
فَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الْإِرْشَادِ
وَالْأَوَّلُ أَيْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْقَطْعِ بِالسَّلَامِ أَصَحُّ وَفِي ذَلِكَ
إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْفَصْلِ فَقَطْ
ثُمَّ لِيُنْظَرْ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ
عَلَى الْحَنَفِيِّ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ قَلَّدَ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه
الله الْقَائِلَ بِوُجُوبِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمَا
وَجَبَ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ
كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ مَرَّ عَنْ الْمَشَايِخِ فِي الْجَمْعِ
بَيْنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ وَاجِبٌ اعْتِقَادًا أَيْ وَاجِبُ اعْتِقَادِهِ
لِأَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَأَمَّا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ
أَنَّهُ لَازِمٌ عَمَلًا لَا عِلْمًا فَالْمُرَادُ نَفْيُ الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ
وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَنَارِ وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ عَمَلًا لَا
عِلْمًا عَلَى الْيَقِينِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ عَلَيْهِ
بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ نَفْيُ الِافْتِرَاضِ
وَالْيَقِينِ أَيْ لَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ لِيَظْهَرَ
الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَمَلًا
وَعِلْمًا أَيْ يَلْزَمُهُ فِعْلُهَا وَاعْتِقَادُهَا
(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِقَادُ
وُجُوبِهِ) فِيهِ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ إذَا اقْتَدَى إلَخْ)
هَذَا كَمَا يَدْفَعُ قَوْلَ الْفَتْحِ يَقْتَضِي إلَخْ يَدْفَعُ قَوْلَهُ أَيْضًا
لِأَنَّهُ بِنِيَّتِهِ إيَّاهُ إنَّمَا نَوَى النَّفَلَ إلَخْ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى
صَلَاةً مَخْصُوصَةً عَيَّنَهَا بِالْوَتْرِيَّةِ وَهَذَا كَافٍ فِي صِحَّةِ
الِاقْتِدَاءِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ التَّجْنِيسِ هَذِهِ وَقَدْ دَلَّتْ
أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ التَّجْنِيسِ أَوَّلًا أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَأَدَّى
بِنِيَّةِ النَّفْلِ مَعْنَاهُ إذَا نَوَى صَرِيحَ النَّفْلِ كَالسُّنَّةِ أَوْ
التَّطَوُّعِ فَالنِّيَّةُ بِعِنْوَانِ الْوِتْرِيَّةِ لَيْسَتْ نِيَّةَ النَّفْلِيَّةِ
قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ لِحَاصِلِ مَا قُلْنَا وَإِذَا
تَحَقَّقَتْ هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبَحْرِ مَا فِي التَّجْنِيسِ
أَوَّلًا فِي الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ وَالْوِتْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ
إذْ مُفَادُهُ أَنَّ الْوِتْرَ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَهُوَ خِلَافُ
الْوَاقِعِ فَتَدَبَّرْهُ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ
بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ بَلْ مُفَادُهُ جَوَازُهُ بِعِنْوَانِ
الْوِتْرِيَّةِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ
الْمُتَبَادِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى
نِيَّةِ الْوِتْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ وُجُوبٍ
وَعِبَارَةُ الْمُحِيطِ
وَالْبَدَائِعِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالُوا كَذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ
فِي وُجُوبِهِ وَسُنِّيَّتِهِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ قَطْعًا وَلَا بِسُنَّةٍ قَطْعًا
فَإِذَا أَطْلَقَهُ عَنْ الْوُجُوبِ يَكُونُ مُوَافِقًا لِكُلٍّ مِنْ
الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا كَانَ سُنَّةً وَإِنْ كَانَ لَا تَضُرُّهُ
نِيَّةُ الْوُجُوبِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ
تَعْيِينِ الْوُجُوبِ سِيَّمَا وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ فَرْضٌ كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ
عَنْ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرِ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ مَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ مِنْ
الْمَالِكِيَّةِ إلَى وُجُوبِهِ يُرِيدُ بِهِ الْفَرْضَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَيْ فَرْضٌ وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ
الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ
الْقُرْآنِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْفَرْضُ وَاخْتَارَ
الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ الْمُقْرِي أَنَّهُ فَرْضٌ وَعَمَلٌ
فِيهِ جَزَاءٌ وَسَاقَ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ ثُمَّ قَالَ
فَلَا يَرْتَابُ ذُو فَهْمٍ بَعْدَ هَذَا أَنَّهَا أُلْحقَتْ بِالصَّلَوَاتِ
الْخَمْسِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَفِي الْمُغْنِي عَنْ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ عَمْدًا فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ
تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ اهـ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. فَلَا جَرَمَ قَالَ
الْمَشَايِخُ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ فَقَطْ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ
فَتَأَمَّلْ مُنْصِفًا.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري
٢/٤٢ — زين الدين ابن نجيم رحمه الله (ت ٩٧٠)
وَالِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيِّ
الْمَذْهَبِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَتَحَامَى مَوَاضِعَ
الْخِلَافِ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ
مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالْفَصْدِ وَأَنْ لَا يَنْحَرِفَ عَنْ الْقِبْلَةِ
انْحِرَافًا فَاحِشًا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ
الْوِتْرِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمَغَارِبَ كَانَ فَاحِشًا. كَذَا
فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَكُونُ مُتَعَصِّبًا وَلَا شَاكًّا فِي
أَيْمَانِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَضَّأَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ وَأَنْ
يَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَيَفْرُكَ الْيَابِسَ مِنْهُ وَأَنْ لَا
يَقْطَعَ الْوِتْرَ وَأَنْ يُرَاعِيَ التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ وَأَنْ
يَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ.
هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ
وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ
الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا
بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ
الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَعْلَمْ مِنْهُ هَذِهِ
الْأَشْيَاءَ بِيَقِينٍ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي
الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ.
وَلَوْ عَلِمَ الْمُقْتَدِي
مِنْ الْإِمَامِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى زَعْمِ الْإِمَامِ كَمَسِّ
الْمَرْأَةِ أَوْ الذَّكَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَا يَدْرِي
بِذَلِكَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجُوزُ
وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ
أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى جَوَازَ صَلَاةِ إمَامِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ
رَأْيُ نَفْسِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الفتاوى الهندية ١/٨٤ — محمد أورنك عالمكير
رحمه الله (ت ١١١٨)
وأما المقصد الرابع فهو ما حكم الإقتداء بالمخالف وهل العبرة في ذلك لرأي المقتدي أو الإمام
اعلم: أن هذه المسألة قد صنف
فيها الإمام السندي من تابعي الإمام ابن الهمام رسالة [مسمى (غاية التحقيق)] وبسط
فيها الكلام فنورد بعضه على وجه الاختصار، وفي كتب فقهائنا عبارات أيضًا تفيد
كراهة ما ذكر في هذه الرسالة التي للسندي، رحمه الله تعالى، تركنا ذكرهما خوف
الإطالة في هذه العجالة، والذي قاله السندي في رسالته، رحمه الله تعالى، هو قوله:
“اعلم أنه قد اختلف علماؤنا رضي الله عنهم قديمًا وحديثًا في جوازه، يعني جواز
الاقتداء بالمخالف، على أربعة أقوال: القول الأول:
أنه يجوز الاقتداء به إذا كان يحتاط في مواضع الخلاف، وإلا فلا. وعلى هذا أكثر المشايخ، رحمهم الله تعالى، منهم
الإمام شمس الأئمة الحلواني، وشمس الأئمة السرخسي، وصدر الإسلام، وأبو الليث
السمرقندي، وصاحب الهداية، وصاحب الكافي، وقاضيخان، والمرغيناني، وصاحب
التاتارخانية، والصدر الشهيد، وتاج الشريعة، وصاحب المضمرات، وصاحب النهاية، وقوام
الدين، وغيرهم من المشايخ.
وهذا
هو المذهب الصحيح الذي عليه المشايخ سلفًا وخلفًا، وهو أن
العبرة في جواز الصلاة وعدمه لرأي المقتدي، في حق نفسه، لا لرأي إمامه، فلو علم
المقتدي من الإمام ما يفسد الصلاة على زعم الإمام، كمس المرأة أو غيره، جاز
الاقتداء به، لأنه يرى جوازها والمعتبر في حقه رأيه لا غير. فوجب القول بجوازها،
ولو علم منه ما يفسد الصلاة عنده لا عند الإمام لا يجوز الاقتداء به، لما قلنا أن
العبرة لرأي المقتدي، وأنه لم ير الاقتداء به جائزًا، فوجب القول بعدم الجواز، فإن
صلى معه يعيد صرح به الصدر الشهيد.
وهذا
هو الأصل الذي لا محيص عنه للحنفي، فإنه إما أن يسلم هذا الأصل، أو لا، فإن كان
الثاني فلا خطاب معه لتركه المذهب، وإن كان الأول فلا محيص
عنه، أو يسلم في مسائل دون أخرى، فيحتاج إلى الفرق. ثم إنه، رحمه الله تعالى، سرد
نقولًا عديدة، ثم قال: “اعلم أنه إذا احتاط جميع مواضع الخلاف، ولم يعلم منه مفسد،
هل يجوز الاقتداء به بلا كراهة أم لا؟ وهل عليه إعادتها أم لا، ففي (الكفاية شرح
الهداية) و (شرح المجمع) و (مفتاح السعادة) أنه مع الكراهة، وفي فتاوى قاضيخان [١]
ومع هذا لو صلى الحنفي خلف شافعي كان مسيئا، وفي بعض كتب آخر يكره، خلف الشافعي
المحترز عما يبطله عندنا، وهو المختار. ثم قال رحمه الله تعالى القول الثاني: أنه
يجوز الاقتداء بالشافعي إذا لم تعلم منه المخالفة فيما تقدم من الشروط، وهذا القول
مختار ركن الإسلام علي السعدي، وذكره التمرتاشي وصححه شيخ الإسلام خواهر زاده.
القول
الثالث: أنه لا يجوز الاقتداء به مطلقًا، وإن راعى
مواضع الخلاف، لأنه لا يؤدي ذلك بنية الفرض.
القول
الرابع: أنه يجوز الاقتداء به مطلقًا قياسًا على قول
أبي بكر الرازي عن صحة الاقتداء بمن رعف ثم علم أن هذا القول انفرد به الرازي وخالفه جمهور العلماء، فلذا قال صاحب
الإرشاد: لا يجوز الاقتداء به أي بالشافعي في الوتر بإجماع أصحابنا، يعني إذا سلم
على رأس الركعتين، وقال الزيلعي وهو الصحيح، ولم يعتبر قول الرازي للمخالفة
الأكثر، حتى قال صاحب الدرر: وخلاف الواحد في مسألة واحدة لا يكون معتبرًا، ويكون
ردًا عليه.
والحاصل:
أن الاحتجاج بقول الرازي لا يكاد يصبح لمرجوحيته، وقد قالوا: المرجوح في مقابلة
الراجح بمنزلة المعدوم.
انتهى كلام السندي رحمه الله
تعالى باختصار، وتمامه مفصل هناك، وقال
الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه تصحيح القدوري: إني رأيت
من عمل في مذهب أئمتنا بالتشهي حتى سمعت من لفظ بعض القضاة، وهل ثم حجر فقلت: نعم
اتباع الهوى حرام، والمرجح في مقابلة الراجح بعزلة العدم، والترجيح بغير مرجح في
المتقابلات ممنوع. انتهى.
وقد ذكر الشيخ محمد بن فروخ
المكي في رسالته قول الرازي هذا، وبني رسالته عليه، كما صرح بذلك فيه، حيث قال:
وهذا القول يعني قول الرازي هو المنصور دراية، وإن اعتمد خلافه رواية عندنا،
فالمعتمد هو الذي أميل إليه وعليه يتمشى ما ذهبنا إليه في هذه الورقات. انتهى كلامه.
فهذا هو التشهي واتباع المرجوح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. واستدل في رسالته المذكورة على جواز الاقتداء
بالمخالف من غير مراعاة منه لمواضع الخلاف كما هو مقتضى كلامه، فيها بما
كانت عليه الصحابة رضي الله عنهم من أنهم كانوا يقتدي بعضهم ببعض، وكذا التابعون
وفيهم المجتهدون بلا نكير منهم في ذلك، وقد
ترك الاستدلال بقول المذهب الصريحة، وعدل إلى الاستدلال بما كانت عليه الصحابة،
فيقال له: كانت الصحابة رضي الله عنهم مجتهدين، بصريح قولك، وأنت تابع لمجتهد آخر،
هو أبو حنيفة مثلًا، فكيف تقيس اجتهادهم على اجتهاد أبي حنيفة، فقد كانت مذاهبهم
تقتضي ذلك، ومذهبك لا يقتضيه، مع أنه لم يثبت عنهم الاجتماع على ذلك، بل بطريق
الإجمال من أنهم كانوا يصلّون كلهم بالجماعة، لا منفردين، ونحن لا نعلم كيف كانوا
على وجه التفصيل، فلا يصح الاستدلال بذلك في مقابلة الصريح من المذهب، كما رأيت
ومذاهب الصحابة لا يجوز تقليدها الآن، كما تقدم عن إمام الحرمين، بل لا يجوز تقليد
غير المذاهب الأربعة، كما سبق، والله أعلم.
خلاصة التحقيق في حكم التقليد والتلفيق ص١٣-١٥ — عبد الغني
النابلسي (ت ١١٤٣)
لأن الاقتداء شركة وموافقة؛ فلابد من الاتحاد، ومتى فسد
الاقتداء لفقد شرط كظاهر بمعذور لم تنعقد أصلًا، وإن لاختلاف الصلاتين تنعقد نفلا
غير مضمون، كذا في الزيلعي، وثمرته الانتقاص بالقهقهة إذا انعقدت وإلا لا (ويصلي
المتنفل خلف المفترض) لأن فيه بناء الضعيف على القوى وهو جائز.
(ومن اقتدى
بإمام ثم علم) أي المقتدي (أنه) أي الإمام (على غير وضوء) في زعمهما (أعاد الصلاة)
اتفاقًا (لظهور بطلانها) وكذا لو كانت صحيحة في زعم الإمام فاسدة في زعم المقتدي؛
لبنائه على الفاسد في زعمه فلا يصح، وفيه خلاف، وصحح كل، أما لو
فسدت في زعم الإمام وهو لا يعلم به وعلمه المقتدي صحت في قول الأكثر، وهو الأصح؛
لأن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه، والمعتبر
في حقه رأى نفسه؛ فوجب القول بجوازها، كذا في حاشية شيخ مشايخنا الرحمتي.
اللباب في شرح الكتاب ١/٨٣ — عبد الغني الميداني (ت ١٢٩٨)

